مسار الصراع السوري – الإسرائيلي
في البداية قررت سوريا الاكتفاء بقوات الدفاع الجوي من أجل تأمين القوات البرية وتوفير الحماية الجوية لها . وعند بداية الصدام توجهت طائرات اف-16 الصقر المقاتل الحديثة مع طائرات اف-4 الأقدم نحو الدفاع الجوي السوري تحت حماية طائرات التفوق الجوي اف-15 النسر.
في البداية اطلقت إسرائيل عدداً كبيرة من الطائرات الصغيرة الموجهة بدون طيار والتي طارت على حافة مدى الرادرات السورية مما أدى إلى لجوء السوريين إلى تشغيل الرادارات بأقصى طاقة للرصد وهذا بالضبط ما كان منتظراً.
إعادة تكوين الفكر والسلاح
ساهمت معركة لبنان في توطيد الاتجاه الاستراتيجي المصري والذي يقضي بتبني نمط تسليح غربي وعقيدة قتالية غربية. وقد دفع مصر بقوة في هذا الاتجاه معاهدة السلام مع إسرائيل والتي تخلي النصف الشرقي من سيناء من تواجد الجيش المصري فأصبح لزاماً أن تتغير الاستراتيجية المصرية نحو ميكنة القوات وتبني نمط الدفاع المتحرك الغربي والذي يقضي بأن تندفع قبضة من الثوات المدرعة واليمكا***ية لتصدم قوات العدو المتقدمة في شرق سيناء تحت غطاء جو مناسب يحد قد لا يكون نداً للغطاء الجوي المعادي لكنه يحد بشكل واضح من السيطرة الجوية المعادية بالقدر الذي يمنح القوات البرية الفرصة لأداء مهامها القتالية بشكل أفضل ويكون كذلك قادراً على تقديم الدعم الجوي في الحالات الضرورية والمقدرة على إلحاق خسائر قوية بالتشكيلات المعادية.
من أجل تحقيق هذه الرؤية كان على مصر أن تعيد تسليح قواتها المسلحة بالمعدات الغربية وتغير من خططها الحربية وتدريب ضباطها وجنودها لتنفيذ هذه الخطة وهو ما استغرقه عقد الثمانينيات بالكامل.
إلا أن أكثر المشاكل صعوبة والتي واجهت القوات المصرية هي تحديث القوات الجوية فهي العنصر الأكثر كلفة على الإطلاق. وتبنت مصر طائرات الأف-16 الأمريكية كمقاتلة رئيسية متعددة المهام وتمكنت من الحصول على نظم الإواكس التي حصلت عليها إسرائيل واستخدمتها في معركة لبنان ، كذلك حصلت على أحدث الدبابات الأمريكية الصنع وقامت بتصنيع جزء منها محلياً ، وفي هذا العقد بشكل عام ازدهرت الصناعة الحربية المصرية فتم تصنيع الذخائر والصواريخ المضادة للدبابات والمدفعية الصاروخية وقطع غيار الطائرات المصرية والغربية وابتكار نظم متنوعة للدفاع الجوي المتحرك ليناسب نظرية الدفاع المصرية الجديدة . وبنهاية هذا العقد كان القوات المسلحة قد اختلفت شكلاً وموضوعاً عن بدايته بشكل جذري. كذلك شهد هذا العقد بداية ظهور صناعة الصواريخ المصرية حيث اشتركت مصر مع الأرجنتين والعراق في مشروع صاروخ مداه 600 كم لكنه توقف بضغوط من الولايات المتحدة الأمريكية بنهاية التسعينيات.
بدايات معركة المياه
لم تركن إسرائيل طويلاً إلى الهدوء مع مصر فبدأت بتوطيد علاقتها مع اثيوبيا وهي الدولة التي ينبع منها النيل الأزرق مصدر فيضان النيل . وفي أواسط الثمانينيات . ما لبثت أثيوبيا أن أعلنت عن مشروعها لإنشاء سد على النيل الأزرق لحجز مياه الفيضان لصالح أثيوبيا. والحقيقة أن الرد المصري الرسمي جاء بغاية العنف على عكس ما توقع الجميع حيث صرح الرئيس مبارك بأن أي مشروع مماثل سيتم ضربه . اوقفت اثيوبيا المشروع واستبدلته بمشروعات لاتؤثر على حصة مصر من المياه وساعدتها مصر في هذ المشروعات. لقد كان لهذا التهديد أنياب متمثلة في أسراب الصقر المقاتل المصرية والتي هي قادرة على بلغ اثيوبيا لتفعيل التهديد المصري وفي هذا الوقت لم تكن أثيوبيا تملك الإمكانيات لصد هذه الطائرات المتقدمة، إلا أنها لاحقاً في التسعينات اقتنت عدجداً من طائرات السوخوي -27 الحديثة ( روسية الصنع وتناظر الأف-15 الأمريكية ) وقد اشتركت هذه الطائرات في الحرب ضد ارتريا واسقطت عدداً كبيراً من الطائرات الأرترية.
بهذا تفادت مصر التهديد المائي الأول ونقلت إسرائيل نشاطها إلى المنابع المستديمة للنيل البعيدة عن القدرات المصرية وهو ما سيظهر بأواخر التسعينيات .
بدر 96 وإثبات الجدارة
مع اقتراب عقد التسعينيات من نهايته كان الجيش المصري قد أنهى تقريباً عملية إعادة الهيكلة بشكل ناجح وملفت إذ قام بتغيير جزء كبير من منظومة تسليحه إلى النمط الغربي كما قام بتغيير جذري في العقائد القتالية التي ينتهجها لتناسب مهامه الدفاعية الجديدة والظروف التي نشأت عن اتفاقية السلام ويمكن أن نلخص ميزان القوى حالياً بما يلي في ظل كون احتمال المعركة الوحيد هو هجوم إسرائيلي على شبه جزيرة سيناء:
القوات الجوية
مصر 550 طائرة مقاتلة منهم 250 طائرة حديثة ( أف – 16 ، ميراج – 2000 ).
إسرائيل حوالي 800 طائرة قتال منهم 500 طائرة قتال حديثة ( أف-16 ، أف – 15 ).
تحليل الميزان الجوي
v بالنظر إلى أن إسرائيل في حالة نشوب نزاع مع مصر ستضطر للاحتفاظ بجزء رئيسي من قواتها الجوية للجبهة السورية فإن الميزان النوعي تحسن كثيراً عن العام 1973 حيث تقاتل مصر وإسرائيل بالأنواع نفسها من الطائرات . إضافة إلى ان التفوق الكمي الإسرائيلي خادع بعض الشئ إذ أن المنهج الإسرائيلي يعتمد على الدفاع الجوي بواسطة الطائرات الإعتراضية عطس المنهج المصري الذي يدافع عن العمق بوسائل الدفاع الجوي بالتكامل مع القوات الجوية وبهذا يمكن لمصر ان توفر عدد مناسب من الطائرات للعمليات الهجومية .
v بافتراض ان إسرائيل ستوجه كافة قواتها الجوية للجبهة المصرية فإن هذه القوات ستكون مكلفة (( طبقاً للعقيدة الهجومية الإسرائيلية )) بالمهام التالية .
1. مهاجمة قواعد القوات الجوية المصرية المحمية بالدفاع الجوي والطائرات الاعتراضية ميج-21 المسلحة تسليحاً غربياً ( صواريخ سايد ويندر ). ومن غير المتوقع ان تنجح إسرائيل في تكرار ضربة 67 بالمرة وستواجه صعوبة كبيرة في تنفيذ المهمة وغالباً خسائر رادعة.
2. تدمير طائرات الإواكس ( الإنذار المبكر ) المصرية وهذا سيتطلب ايضاً الدخول في عمق الدفاعات الجوية المصرية ومقاتلة الطائرات الإعتراضية إلى جانب الدفاع الجوي.
3. صد الهجمات الجوية المصرية على القوات الأرضية الإسرائيلية في سيناء، عادة ما يتميز المدافع بكونه لا يحمل سوى صواريخ القتال مقابل المهاجم المثقل بالقنابل ، وبالعموم من المستحيل ان تتمكن إسرائيل من منع القوات الجوية المصرية بشكل تام من ضرب قواتها خاصة وانه القوات الأرضية الإسرائيلية تجهيزها ضعيف نسبياً من حيث الدفاع الجوى ، ونظراً للقدارت العالية للطائرة اف-16 فإن أي عدد ولو كان بسيطاً منها يفلت ويتمكن من الضرب سيلحق خسائر فادحة بالقوات البرية. إلا انه من المتوقع ان تحدث معارك جوية كبيرة يسقط فيها للطرفان اعداداً كبيرة من الطائرات لتقارب النوعية والتجهيزات.
4. الهجوم على القوات البرية المصرية التي تتقدم في سناء لصد القوات الإسرائيلية . ستواجه الطائرات الإسرائيلية المهاجمة صعوبات مشابهة للطائرات المصرية في النقطة السابقة إضافة إلى كون الدفاع الجوي المصري المتحرك سيشارك في حماية القوات البرية .
5. اخيراً سيكون منوطاً بالقوات الجوية الإسرائيلية حماية المجال الجوي الإسرائيلي من الهجمات المصرية والتي هي ممكنة جداً في ظل امتلاك مصر للطائرات أف-16.
ومن الواضح ان فرصة القوات الجوية في تحقيق مهامها في أي حرب قادمة افضل كثيراً عن حرب عام 1973.
الدفاع الجوي المصري
تشمل مصر بالكامل شبكة دفاع جوي تعتبر هي الأعقد في العالم إذ تضم عشرات النظم الشرقية والغربية وتغطي كامل سماء جمهورية مصر العربية . ومما يزيد من صعوبة اختراقها تعدد الترددات والشفرات الخاصة بها نظراً لتنوع مصادر تسليحها مما يجعل الشوشرة عليها امراً صعباً ومعقداً وينطوي على مخاطر كبيرة. وتمكنت مصر من توفير دفاع جوي متحرك مصاحب للقوات البرية وهي احدى النقاط التي كانت غاشبة في حرب 73. ويمكن القول بثقة أن الدفاع الجوي اليوم لديه ايضاً فرص اكبر في تنفيذ مهامه.
القوات البرية
تمتلك مصر ما يقرب من 3000 دبابة اكثر من نصفها من الطرازات الحديثة الأمريكية خاصة النوع إبرامز والتي لا تملك إسرائيل مثله بينما تملك إسرائيل 4000 دبابة اغلبها من نوع ميركافا مما يوضح ان المعركة البرية ستكون شاقة ومكلفة للطرفين فكم من الوقت والخسائر يلزم لإلحاق خسائر حاسمة بأي طرف؟ كذلك تمت ميكنة القوات البرية المصرية بالكامل تقريباً عن طريق عربات المشاة المدرعة منها عربة المشاة فهد المصرية الصنع. وبينما تملك مصر قوات عاملة في حدود 400 الف جندي تملك إسرائيل قوات عاملة في حدود 125 الف جندي ( هذا العنصر سيكون ذو تأثير حاسم في السيناريو القادم كما سنرى).
القوات البحرية
تمتلك مصر تفوقاً ساحقاً في القوات البحرية حيث يقدر حجم الأسطول المصري بحوالي 70 قطعة بحيرة مقابل 12 : 20 قطعة إسرائيل.
النتيجة
تملك إسرائيل تفوقاً نوعياً وكمياً في الأسلحة الحديثة خاصة في الطائرات والمدرعات. والسيناريو المتوقع ان تقوم إسرائيل بمهاجمة الحدود المصرية واختراقها . ومن المتوقع ان تتمكن القوات المصرية الوصل إلى خط المضائق بحجم مناسب من القوات قبل القوات الإسرائيلية ومن غير المتوقع ان تنجح إسرائيل في اختراقها مما سيجعل القوات الإسرائيلية في مناطق مكشوفة اكثر من القوات المصرية . اما الهجوم المصري لاستعادة شرق سيناء فمجهول النتيجة ولكن المحصلة هي خسائر كبيرة للطرفين وهي الشئ الوحيد الذي يردع إسرائيل عن تنفيذ مثل ذلك الهجوم.
ولكن هل يمتلك الجيش المصري القدرة الحقيقية على تنفيذ مناورة بالقوات بهذه الضخامة تنقل قوات الجيش الثاني والجيش الثالث إلى عمق سيناء في وقت مناسب؟.
لقد نفذ الجيش المصري هذا السيناريو في مناورة بدر 96 إذ قام في خلال وقت قياسي بنقل حجم كبير من القوات البرية جاهزة ومعدة جيدا إلى وسط سيناء مما اثار ذعر نتنياهو وقتها وكانت هذه المناورة مثار الحديث والتحليلات لفترة طويلة .
واعتقد في النهايه ان مصر قادرة على الدفاع عن نفسها بكل قوة
لكن لم تحن ساعة المواجهة بعد
- موضوع منقول مع تعديلات واضافات شخصية مني -