ليلة قمراء من ليالي مصـــــر
ينام الناس وينعسون ويبقى العشاق المغـرمون يسهـرون الليـل , يتأوهون أحزانهم وآلامهم ويشكونها لظلمة الليل ويناجون القمر ويحاكون النجوم يبكون ولا يسمعهم غيرهم , يتجرعون مرارة البعد والفراق , وهم أسارى لنبضات قلوبهم الموجعة الرنانة التي لا يسمعها سوى آذانهم مزلزلة لوجدانهم يحرقون صدورهم بزفرات محرقه مضنيه لو أتت على هشيم لأحرقته…دائما ما يشتكي العشاق من الليل حيث تعود أسراب الهموم المهاجرة إلى وكناتها, وحيث تعود طيور العذاب الى أوكارها وتتفتح أزهار الأرق في حقول الشجن، وتمر قبال عينيه أطياف حبيبته تداعب ظنونه وتوقد الوهم في هشيم ذكرياته.
ولكن الليلة…. ولكن ليلة مصرنا الحبيبة التي سوف نعيشها معهم من خلال الأحداث المريرة التي مرت بها وتمر بها بلدنا الحبيب كانت مختلفة عن ليالي العاشقين، حيث تهادى انقسام الأمة مع النسيم العليل المخضب بلون البنفسجي والمعتق بعبير الوطنية والمشبع بآراء وقرارات أهل السياسة ، فحمل النسيم كل فراشات الوطن وبعثرها في ليلة قمراء وراح الحماس يستقطب نجوم الليل كي لا تغيب، وهمسات الصمت تشجب وتدين التيارات السائدة, وتكتم أنفاس الصباح.ولكن مصرنا أدركت أن هذا الحلم الذي يعيشه لا بد سينتهي وأن الليل سوف يلملم أطرافه عند طلائع الصباح، وتهجر العصافير أوكاره وتذبل الأزهار في بساتين قلبه الأسيف وتصبح الدار التي كانت منزلقة في نفق التمزق وعدم الاستقرار, والتي كانت هاوية في بئر مظلم من الانقسام والاستقطاب عامرة بالأمن والأمــان.
وحتى نصل الى تحقيق هذا الهدف السامي يستلزم منا أمرين لا خلاف عليهم :
أولاهما :
الايمان بالديمقراطية والمواطنة, والمواطنة التي اعنيها أن تكون دولة مصر للمصريين والمصريين لمصر, نرى فيها التوحد يسود البلاد فنحن في غنى عن التفرق والفردية, التجمع بلا انقسام او تمييز الأغلبية او تهميش الأقلية, وتلتزم الدولة وأنظمتها ومؤسساتها بالارادة الشعبية واحتياجات المواطن الانسان النفسية والاجتماعية والاقتصادية وتستند الى المرجعية منهج الله ورسوله, وأسانيد القانون واحترام الفقهاء وأهل القضاء, بناء وطن يغلب فيه صوت الحكمة والعدل يسمو فيه حقوق الإنسان؛ الدينية والمدنية الاجتماعية والاقتصادية السياسية والثقافية. وبجانب هذا بل يصاحبه صحبة الخليل لخليله تغليب صالح البلاد على المصالح الشخصية.
ثانيهما :
الحب وأرجو ان يؤخذ بعين الاحترام والاهتمام ولا نستهين به فبدونه لن نبلغ سبل النجاح واذا تكلمنا في غيابه وانعدامه فلن يسمع كل واحد سوى صوت نفسه, ولنتذكر حديث رسولنا الكريم
عن أنس بن مالك رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه . رواه البخاري ومسلم